فصل: باب إِذَا أَقَرَّ بِالْحَدِّ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ

مساءً 4 :9
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
28
الأحد
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الرَّجْمِ فِي الْبَلَاطِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الرجم في البلاط‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ بالبلاط ‏"‏ بالموحدة بدل في، ففهم منه بعضهم أنه يريد أن الآلة التي يرجم بها تجوز بكل شيء حتى بالبلاط وهو بفتح الموحدة وفتح اللام ما تفرش به الدور من حجارة وآجر وغير ذلك وفيه بعد والأولى أن الباء ظرفية ودل على ذلك رواية غير المستملي، والمراد بالبلاط هنا موضع معروف عند باب المسجد النبوي كان مفروشا بالبلاط، ويؤيد ذلك قوله في هذا المتن ‏"‏ فرجما عند البلاط ‏"‏ وقيل المراد بالبلاط الأرض الصلبة سواء كانت مفروشة أم لا ورجحه بعضهم والراجح خلافه، قال أبو عبيد البكري‏:‏ البلاط بالمدينة ما بين المسجد والسوق، وفي الموطأ عن عمه أبي سهيل بن مالك بن أبي عامر عن أبيه كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب ونحن عند دار أبي جهم بالبلاط وقد استشكل ابن بطال هذه الترجمة فقال‏:‏ البلاط وغيره في ذلك سواء، وأجاب ابن المنير بأنه أراد أن ينبه على أن الرجم لا يختص بمكان معين للأمر بالرجم بالمصلى تارة وبالبلاط أخرى، قال‏:‏ ويحتمل أنه أراد أن ينبه على أنه لا يشترط الحفر للمرجوم لأن البلاط لا يتأتى الحفر فيه، وبهذا جزم ابن القيم وقال‏:‏ أراد رد رواية بشير بن المهاجر عن أبي بريدة عن أبيه ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فحفرت لماعز بن مالك حفرة فرجم فيها ‏"‏ أخرجه مسلم قال‏:‏ هو وهم سرى من قصة الغامدية إلى قصة ماعز قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون أراد أن ينبه على أن المكان الذي يجاور المسجد لا يعطي حكم المسجد في الاحترام لأن البلاط المشار إليه موضع كان مجاورا للمسجد النبوي كما تقدم ومع ذلك أمر بالرجم عنده، وقد وقع في حديث ابن عباس عند أحمد والحاكم ‏"‏ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم اليهوديين عند باب المسجد‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أَحْدَثَا جَمِيعًا فَقَالَ لَهُمْ مَا تَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمْ قَالُوا إِنَّ أَحْبَارَنَا أَحْدَثُوا تَحْمِيمَ الْوَجْهِ وَالتَّجْبِيهَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ادْعُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالتَّوْرَاةِ فَأُتِيَ بِهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ وَجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَحْتَ يَدِهِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلَاطِ فَرَأَيْتُ الْيَهُودِيَّ أَجْنَأَ عَلَيْهَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا محمد بن عثمان‏)‏ زاد أبو ذر ابن كرامة‏.‏

قوله ‏(‏عن سليمان‏)‏ ‏.‏

هو ابن بلال، وهو غريب ضاق على الإسماعيلي مخرجه فأخرجه عن عبد الله بن جعفر المديني أحد الضعفاء، ولو وقع عن سليمان بن بلال لم يعدل عنه، وكذا ضاق على أبي نعيم فلم يستخرجه بل أورده بسنده عن البخاري، وخالد بن مخلد أكثر البخاري عنه بواسطة وبغير واسطة، وقد تقدم له في الرقاق عن محمد بن عثمان بن كرامة عن خالد بن مخلد حديث، وتقدم في العلم والهبة والمناقب وغيرها عدة أحاديث، وكذا يأتي في التعبير والاعتصام عن خالد بن مخلد بغير واسطة‏.‏

وقوله في المتن ‏"‏ قد أحدثا ‏"‏ أي فعلا أمرا فاحشا، وقوله ‏"‏أحدثوا ‏"‏ أي ابتكروا، وقوله ‏"‏تحميم الوجه ‏"‏ أي يصب عليه ماء حار مخلوط بالرماد والمراد تسخيم الوجه بالحميم وهو الفحم وقوله ‏"‏ والتجبية ‏"‏ بفتح المثناة وسكون الجيم وكسر الموحدة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم هاء أصلية من جبهت الرجل إذا قابلته بما يكره من الإغلاظ في القول أو الفعل قاله ثابت في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ وسبقه الحربي‏.‏

وقال غيره هو بوزن تذكرة ومعناه الإركاب منكوسا‏.‏

وقال عياض‏:‏ فسر التجبية في الحديث بأنهما يجلدان ويحمم وجههما ويحملان على دابة مخالفا بين وجوههما، قال الحربي‏:‏ كذا فسره الزهري، قلت‏:‏ غلط من ضبطه هنا بالنون بدل الموحدة ثم فسره بأن يحمل الزانيان على بعير أو حمار ويخالف بين وجوههما والمعتمد ما قال أبو عبيدة، والتجبية أن يضع اليدين على الركبتين وهو قائم فيصير كالراكع وكذا أن ينكب على وجهه باركا كالساجد‏.‏

وقال الفارابي‏:‏ جبا بفتح الجيم وتشديد الموحدة قام قيام الراكع وهو عريان، والذي بالنون بعد الجيم إنما جاء في قوله ‏"‏ فرأيت اليهودي أجنأ عليها ‏"‏ وقد ضبطت بالحاء المهملة ثم نون بلفظ الفعل الماضي أي أكب عليها يقال أحنت المرأة على ولدها حنوا وحنت بمعنى، وضبطت بالجيم والنون فعند الأصيلي بالهمز وعند أبي ذر بلا همز وهو بمعنى الذي بالمهملة‏.‏

قال ابن القطاع‏:‏ جنأ على الشيء حنا ظهره عليه‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ أجنأ الترس جعله مجنأ أي محدوبا‏.‏

وقال عياض‏:‏ الصحيح في هذا ما قاله أبو عبيدة يعني بالجيم والهمز والله أعلم‏.‏

وسيأتي مزيد لهذا في شرح حديث اليهوديين في ‏"‏ باب أحكام الذمة‏"‏‏.‏

*3*باب الرَّجْمِ بِالْمُصَلَّى

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الرجم بالمصلي‏)‏ أي عنده والمراد المكان الذي كان يصلي عنده العيد والجنائز، وهو من ناحية بقيع‏؟‏ الغرقد، وقد وقع في حديث أبي سعيد عند مسلم ‏"‏ فأمرنا أن نرجمه، فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد ‏"‏ وفهم بعضهم كعياض من قوله ‏"‏ بالمصلى ‏"‏ أن الرجم وقع داخله وقال‏:‏ يستفاد منه أن المصلي لا يثبت له حكم المسجد إذ لو ثبت له ذلك لاجتنب الرجم فيه لأنه لا يؤمن التلويث من المرجوم خلافا لما حكاه الدارمي أن المصلي يثبت له حكم المسجد ولو لم يوقف، وتعقب بأن المراد أن الرجم وقع عنده لا فيه كما تقدم في البلاط، وأن في حديث ابن عباس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين عند باب المسجد ‏"‏ وفي رواية موسى ابن عقبة ‏"‏ أنهما رجما قريبا من موضع الجنائز قرب المسجد ‏"‏ وبأنه ثبت في حديث أم عطية الأمر بخروج النساء حتى الحيض في العيد إلى المصلى وهو ظاهر في المراد والله أعلم‏.‏

وقال النووي‏:‏ ذكر الدارمي من أصحابنا أن مصلى العيد وغيره إذا لم يكن مسجدا يكون في ثبوت حكم المسجد له وجهان أصحهما لا‏.‏

وقال البخاري وغيره في رجم هذا بالمصلى دليل على أن مصلى الجنائز والأعياد إذا لم يوقف مسجدا لا يثبت له حكم المسجد إذ لو كان له حكم المسجد لاجتنب فيه ما يجتنب في المسجد‏.‏

قلت‏:‏ وهو كلام عياض بعينه وليس للبخاري منه سوى الترجمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ لَا قَالَ آحْصَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَصَلَّى عَلَيْهِ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ يَصِحُّ قَالَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ قِيلَ لَهُ رَوَاهُ غَيْرُ مَعْمَرٍ قَالَ لَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا محمود‏)‏ في رواية غير أبي ذر ‏"‏ حدثني ‏"‏ وللنسفي ‏"‏ محمود بن غيلان ‏"‏ وهو المروزي وقد أكثر البخاري عنه‏.‏

قوله ‏(‏أخبرنا معمر‏)‏ في رواية إسحاق بن راهويه في مسنده عن عبد الرزاق ‏"‏ أنبأنا معمر وابن جريج ‏"‏ وكذا أخرجه مسلم عن إسحاق‏.‏

قوله ‏(‏فاعترف بالزنا‏)‏ زاد في رواية إسحاق ‏"‏ فأعرض عنه ‏"‏ أعادها مرتين‏.‏

قوله ‏(‏فأمر به فرجم بالمصلى‏)‏ ليس في رواية يونس ‏"‏ بالمصلى ‏"‏ وقد تقدمت في ‏"‏ باب رجم المحصن ‏"‏ وسيأتي في رواية عبد الرحمن بن خالد بلفظ كنت فيمن رجمه فرجمناه ‏"‏ بالمصلى‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا‏)‏ أي ذكره بجميل، ووقع في حديث أبي سعيد عند مسلم ‏"‏ فما استغفر له ولا سبه ‏"‏ وفي حديث بريدة عنده ‏"‏ فكان الناس فيه فرقتين‏:‏ قائل يقول لقد هلك لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول ما توبة أفضل من توبة ماعز، فلبثوا ثلاثا ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ استغفروا لماعز بن مالك ‏"‏ وفي حديث بريدة أيضا ‏"‏ لقد تاب توبة لو قسمت على أمة لوسعتهم ‏"‏ وفي حديث أبي هريرة عند النسائي ‏"‏ لقد رأيته بين أنهار الجنة ينغمس ‏"‏ قال يعني يتنعم كذا في الأصل، وفي حديث جابر عند أبي عوانة ‏"‏ فقد رأيته يتخضخض في أنهار الجنة ‏"‏ وفي حديث اللجلاج عند أبي داود والنسائي ‏"‏ ولا تقل له خبيث لهو عند الله أطيب من ريح المسك ‏"‏ وفي حديث أبي الفيل عند الترمذي ‏"‏ لا تشتمه ‏"‏ وفي حديث أبي ذر عند أحمد ‏"‏ قد غفر له وأدخل الجنة‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وصلى عليه‏)‏ هكذا وقع هنا عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق، وخالفه محمد بن يحيى الذهلي وجماعة عن عبد الرزاق فقالوا في آخره ‏"‏ ولم يصل عليه ‏"‏ قال المنذري في حاشية السنن‏:‏ رواه ثمانية أنفس عن عبد الرزاق فلم يذكروا قوله ‏"‏ وصلى عليه ‏"‏ قلت‏:‏ قد أخرجه أحمد في مسنده عن عبد الرزاق ومسلم عن إسحاق بن راهويه وأبو داود عن محمد بن المتوكل العسقلاني وابن حبان من طريقه زاد أبو داود والحسن بن علي الخلال والترمذي عن الحسن بن علي المذكور، والنسائي وابن الجارود عن محمد بن يحيى الذهلي، زاد النسائي ومحمد بن رافع ونوح بن حبيب والإسماعيلي والدار قطني من طريق أحمد بن منصور الرمادي‏.‏

زاد الإسماعيلي، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وأخرجه أبو عوانة عن الدبري ومحمد بن سهل الصغاني فهؤلاء أكثر من عشرة أنفس خالفوا محمودا منهم من سكت عن الزيادة ومنهم من صرح بنفيها‏.‏

قوله ‏(‏ولم يقال يونس وابن جريج عن الزهري‏:‏ وصلى عليه‏)‏ أما رواية يونس فوصلها المؤلف رحمه الله كما تقدم في ‏"‏ باب رجم المحصن ‏"‏ ولفظه ‏"‏ فأمر به فرجم وكان قد أحصن ‏"‏ وأما رواية ابن جريج فوصلها مسلم مقرونة برواية معمر ولم يسق المتن وساقه إسحاق شيخ مسلم في مسنده وأبو نعيم من طريقه فلم يذكر فيه ‏"‏ وصلى عليه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏سئل أبو عبد الله هل قوله ‏"‏ فصلى عليه ‏"‏ يصح أم لا‏؟‏ قال‏:‏ رواه معمر، قبل له‏:‏ هل رواه غير معمر‏؟‏ قال‏:‏ لا‏)‏ وقع هذا الكلام في رواية المستملي وحده عن الفربري، وأبو عبد الله هو البخاري، وقد اعترض عليه في جزمه بأن معمرا روى هذه الزيادة مع أن المنفرد بها إنما هو محمود بن غيلان عن عبد الرزاق، وقد خالفه العدد الكثير من الحفاظ فصرحوا بأنه لم يصل عليه، لكن ظهر لي أن البخاري قويت عنده رواية محمود بالشواهد، فقد أخرج عبد الرزاق أيضا وهو في السنن لأبي قرة من وجه آخر عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف في قصة ماعز قال ‏"‏ فقيل يا رسول الله أتصلي عليه‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فلما كان من الغد قال‏:‏ صلوا على صاحبكم، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ‏"‏ فهذا الخبر يجمع الاختلاف فتحمل رواية النفي على أنه لم يصل عليه حين رجم، ورواية الإثبات على أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه في اليوم الثاني، وكذا طريق الجمع لما أخرجه أبو داود عن بريدة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالصلاة على ماعز ولم ينه عن الصلاة عليه ‏"‏ ويتأيد بما أخرجه مسلم من حديث عمران بن حصين في قصة الجهنية التي زنت ورجمت ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها، فقال له عمر‏:‏ أتصلي عليها وقد زنت‏؟‏ فقال‏:‏ لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين لوسعتهم ‏"‏ وحكى المنذري قول من حمل الصلاة في الخبر على الدعاء، ثم قال‏:‏ في قصة الجهنية دلالة على توهين هذا الاحتمال، قال‏:‏ وكذا أجاب النووي فقال‏:‏ إنه فاسد لأن التأويل لا يصار إليه إلا عند الاضطرار إليه ولا اضطرار هنا‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ماعز، قال وأجاب من منع عن صلاته على الغامدية لكونها عرفت حكم الحد وماعز إنما جاء مستفهما، قال‏:‏ وهو جواب واه، وقيل لأنه قتله غضبا لله وصلاته رحمة فتنافيا، قال‏:‏ وهذا فاسد لأن الغضب انتهى، قال‏:‏ ومحل الرحمة باق، والجواب المرضي أن الإمام حيث ترك الصلاة على المحدود كان ردعا لغيره‏.‏

قلت‏:‏ وتمامه أن يقال‏:‏ وحيث صلى عليه يكون هناك قرينة لا يحتاج معها إلى الردع فيختلف حينئذ باختلاف الأشخاص، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فقال مالك‏:‏ يأمر الإمام بالرجم ولا يتولاه بنفسه ولا يرفع عنه حتى يموت، ويخلي بينه وبين أهله يغسلونه ويصلون عليه ولا يصلى عليه الإمام ردعا لأهل المعاصي إذا علموا أنه ممن لا يصلى عليه، ولئلا يجترئ الناس على مثل فعله‏.‏

وعن بعض المالكية‏:‏ يجوز للإمام أن يصلي عليه وبه قال الجمهور، والمعروف عن مالك أنه يكره للإمام وأهل الفضل الصلاة على المرجوم، وهو قول أحمد، وعن الشافعي لا يكره وهو قول الجمهور، وعن الزهري لا يصلى على المرجوم ولا على قاتل نفسه، وعن قتادة لا يصلى على المولود من الزنا وأطلق عياض فقال لم يختلف العلماء في الصلاة على أهل الفسق والمعاصي والمقتولين في الحدود وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة في المحاربين وما ذهب إليه الحسن في الميتة من نفاس الزنا وما ذهب إليه الزهري وقتادة، قال‏:‏ وحديث الباب في قصة الغامدية حجة للجمهور والله أعلم‏.‏

*3*باب مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الْحَدِّ

فَأَخْبَرَ الْإِمَامَ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قَالَ عَطَاءٌ لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَلَمْ يُعَاقِبْ الَّذِي جَامَعَ فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْيِ وَفِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب من أصاب ذنبا دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء مستفتيا‏)‏ كذا للأكثر بفاء ساكنة بعدها مثناة مكسورة ثم ياء آخر الحروف من الاستفتاء، ويؤيده قوله في حديث الباب ‏"‏ فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ مستعينا ‏"‏ وضبطت بالمهملة وبالنون قبل الألف وبالمعجمة ثم المثلثة، والتقييد بدون الحد يقتضى أن من كان ذنبه يوجب الحد أن عليه العقوبة ولو تاب، وقد مضى الاختلاف في ذلك في أوائل الحدود، وأما التقييد الأخير فلا مفهوم له بل الذي يظهر أنه ذكر لدلالته على توبته‏.‏

قوله ‏(‏قال عطاء لم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي الذي أخبر أنه وقع في معصية بلا مهلة حتى صلى معه فأخبره بأن صلاته كفرت ذنبه‏.‏

قوله ‏(‏وقال ابن جريج‏:‏ ولم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم الذي جامع في رمضان‏)‏ تقدم شرحه مستوفي في كتاب الصيام وليس في شيء من طرقه أنه عاقبه‏.‏

قوله ‏(‏ولم يعاقب عمر صاحب الظبي‏)‏ كأنه أشار بذلك إلى ما ذكره مالك منقطعا ووصله سعيد بن منصور بسند صحيح عن قبيصة بن جابر قال ‏"‏ خرجنا حجاجا فسنح لي ظبي فرميته بحجر فمات، فلما قدمنا مكة سألنا عمر فسأل عبد الرحمن بن عوف فحكما فيه بعنز، فقلت إن أمير المؤمنين لم يدر ما يقول حتى سأل غيره، قال فعلاني بالدرة فقال‏:‏ أتقتل الصيد في الحرم وتسفه الحكم‏؟‏ قال الله تعالى ‏(‏يحكم به ذوا عدل منكم‏)‏ وهذا عبد الرحمن بن عوف وأنا عمر ‏"‏ ولا يعارض هذا المنفي الذي في الترجمة لأن عمر إنما علاه بالدرة لما طعن في الحكم وإلا لو وجبت عليه عقوبة بمجرد الفعل المذكور لما أخرها‏.‏

قوله ‏(‏وفيه عن أبي عثمان عن ابن مسعود‏)‏ أي في معنى الحكم المذكور في الترجمة حديث مروي عن أبي عثمان عن ابن مسعود وزاد الكشميهني ‏"‏ مثله ‏"‏ وهي زيادة لا حاجة إليها لأنه يصير ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقب صاحب الظبي، ووقع في بعض النسخ ‏"‏ عن أبي مسعود ‏"‏ وهو غلط والصواب ‏"‏ ابن مسعود ‏"‏ وقد وصله المؤلف رحمه الله في أوائل كتاب الصلاة في ‏"‏ باب الصلاة كفارة ‏"‏ من رواية سليمان التيمي عن أبي عثمان به وأوله ‏"‏ إن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فنزلت ‏(‏أقم الصلاة طرفي النهار الآية‏)‏ وقد ذكرت شرحه في تفسير سورة هود، وأن الأصح في تسمية هذا الرجل أنه أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري، وأن نحو ذلك وقع لجماعة غيره‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً قَالَ لَا قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ قَالَ لَا قَالَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ احْتَرَقْتُ قَالَ مِمَّ ذَاكَ قَالَ وَقَعْتُ بِامْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ قَالَ لَهُ تَصَدَّقْ قَالَ مَا عِنْدِي شَيْءٌ فَجَلَسَ وَأَتَاهُ إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ فَقَالَ هَا أَنَا ذَا قَالَ خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنِّي مَا لِأَهْلِي طَعَامٌ قَالَ فَكُلُوهُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ قَوْلُهُ أَطْعِمْ أَهْلَكَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن حميد بن عبد الرحمن‏)‏ هو ابن عوف الزهري، وقد تقدم شرح حديثه مستوفي في كتاب الصيام‏.‏

قوله ‏(‏وقال الليث إلخ‏)‏ وصله المصنف في التاريخ الصغير قال ‏"‏ حدثني عبد الله بن صالح حدثني الليث به ‏"‏ ورويناه موصولا أيضا في الأوسط للطبراني والمستخرج للإسماعيلي‏.‏

قوله ‏(‏عن عمرو بن الحارث‏)‏ لليث فيه سند آخر أخرجه مسلم عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن جعفر بن الزبير، وقد مضى في الصيام من وجه آخر عن يحيى بن سعيد موصولا وأخرجه مسلم من طريق عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث‏.‏

قوله ‏(‏عن عبد الرحمن بن القاسم‏)‏ أي ابن محمد بن أبي بكر الصديق ‏(‏عن محمد بن جعفر بن الزبير‏)‏ أي ابن العوام ‏(‏عن عباد‏)‏ وهو ابن عمه‏.‏

ووقع في رواية ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه أن عباد بن عبد الله حدثه‏.‏

قوله ‏(‏عن عائشة‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ أنه سمع عائشة‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد‏)‏ زاد في رواية ابن وهب ‏"‏ في رمضان‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فقال احترقت‏)‏ كررها ابن وهب‏.‏

قوله ‏(‏قال مم ذاك‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ فسأله عن شأنه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏قال ما عندي شيء‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ فقال يا نبي الله مالي شيء وما أقدر عليه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فجلس فأتاه إنسان‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ قال اجلس فجلس فبينما هو على ذلك أقبل رجل‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ومعه طعام فقال عبد الرحمن‏)‏ هو ابن القاسم راوي الحديث ‏(‏ما أدري ما هو‏)‏ مقول عبد الرحمن‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ قال ‏"‏ بغير فاء ولم يقع هذا في رواية الليث، ووقع فيها عند الإسماعيلي ‏"‏ عرقان فيهما طعام ‏"‏ وقال ‏"‏ قال أبو صالح عن الليث عرق ‏"‏ وكذا قال عبد الوهاب يعني الثقفي ويزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد، قال الإسماعيلي‏:‏ وعرقان ليس بمحفوظ‏.‏

قوله ‏(‏أين المحترق‏)‏ زاد ابن وهب ‏"‏ آنفا‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏على أحوج مني‏)‏ ‏؟‏ هو استفهام حذفت أداته، ووقع في رواية ابن وهب ‏"‏ أغيرنا ‏"‏ أي أعلى غيرنا‏.‏

قوله ‏(‏ما لأهلي طعام‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ إنا الجياع ما لنا شيء‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏قال فكلوا‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ قال فكلوه ‏"‏ وقد مضى شرحه في الصيام‏.‏

*3*باب إِذَا أَقَرَّ بِالْحَدِّ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب إذا أقر بالحد ولم يبين‏)‏ أي لم يفسره ‏(‏هل للإمام أن يستر عليه‏)‏ تقدم في الباب الذي قبله التنبيه على حديث أبي أمامة في ذلك وهو يدخل في هذا المعنى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ قَالَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ قَالَ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا عبد القدوس بن محمد‏)‏ أي ابن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب بمهملتين مفتوحتين بينهما موحدة ساكنة وآخره موحدة، هو بصري صدوق وماله في البخاري إلا هذا الحديث الواحد، وعمرو ابن عاصم هو الكلابي وهو من شيوخ البخاري أخرج عنه بغير واسطة في الأدب وغيره، وقد طعن الحافظ أبو بكر البرزنجي في صحة هذا الخبر مع كون الشيخين اتفقا عليه فقال هو منكر وهم وفيه عمرو بن عاصم مع أن هماما كان يحيى بن سعيد لا يرضاه ويقول‏:‏ أبان العطار أمثل منه، قلت‏:‏ لم يبين وجه الوهم، وأما إطلاقه كونه منكرا فعلى طريقته في تسميته ما ينفرد به الراوي منكرا إذا لم يكن له متابع، لكن يجاب بأنه وإن لم يوجد لهمام ولا لعمرو بن عاصم فيه متابع فشاهده حديث أبي أمامة الذي أشرت إليه، ومن ثم أخرجه مسلم عقبه والله أعلم‏.‏

قوله ‏(‏فجاء رجل فقال‏:‏ إني أصبت حدا فأقمه على‏)‏ لم أقف على اسمه، ولكن من وحد هذه القصة والتي في حديث ابن مسعود فسره به وليس بجيد لاختلاف القصتين، وعلى التعدد جرى البخاري في هاتين الترجمتين فحمل الأولى على من أقر بذنب دون الحد للتصريح بقوله ‏"‏ غير أني لم أجامعها ‏"‏ وحمل الثانية على ما يوجب الحد ظاهر قول الرجل، وأما من وحد بين القصتين فقال لعله ظن ما ليس بحد حدا، أو استعظم الذي فعله فظن أنه يجب فيه الحد، ولحديث أنس شاهد أيضا من رواية الأوزاعي عن شداد أبي عمار عن وائلة‏.‏

قوله ‏(‏ولم يسأل عنه‏)‏ أي لم يستفسره، وفي حديث أبي أمامة عند مسلم ‏"‏ فسكت عنه ثم عاد ‏"‏ قوله ‏(‏وحضرت الصلاة‏)‏ في حديث أبي أمامة ‏"‏ وأقيمت ‏"‏ قوله ‏(‏أليس قد صليت معنا‏)‏ في حديث أبي أمامة ‏"‏ أليس حيث خرجت من بيتك توضأت فأحسنت الوضوء‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ ثم شهدت معنا الصلاة‏؟‏ قال‏:‏ نعم ‏"‏ قوله ‏(‏ذنبك أو قال حدك‏)‏ في رواية مسلم عن الحسن بن علي الحلواني عن عمرو بن عاصم بسنده فيه ‏"‏ قد غفر لك ‏"‏ وفي حديث أبي أمامة بالشك ولفظه ‏"‏ فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك‏"‏‏.‏

وقد اختلف نظر العلماء في هذا الحكم، فظاهر ترجمة البخاري حمله على من أقر بحد ولم يفسره فإنه لا يجب على الإمام أن يقيمه عليه إذا تاب، وحمله الخطابي على أنه يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع بالوحي على أن الله قد غفر له لكونها واقعة عين، وإلا لكان يستفسره عن الحد ويقيمه عليه‏.‏

وقال أيضا في هذا الحديث أنه لا يكشف عن الحدود بل يدفع مهما أمكن، وهذا الرجل لم يفصح بأمر يلزمه به إقامة الحد عليه فلعله أصاب صغيرة ظنها كبيرة توجب الحد فلم يكشفه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لأن موجب الحد لا يثبت بالاحتمال، وإنما لم يستفسره إما لأن ذلك قد يدخل في التجسيس المنهي عنه وإما إيثار للستر ورأى أن في تعرضه لإقامة الحد عليه ندما ورجوعا، وقد استحب العلماء تلقين من أقر بموجب الحد بالرجوع عنه إما بالتعريض وإما بأوضح منه ليدرأ عنه الحد، وجزم النووي وجماعة أن الذنب الذي فعله كان من الصغائر بدليل أن في بقية الخبر أنه كفرته الصلاة بناء على أن الذي تكفره الصلاة من الذنوب الصغائر لا الكبائر، وهذا هو الأكثر الأغلب، وقد تكفر الصلاة بعض الكبائر كمن كثر تطوعه مثلا بحيث صلح لأن يكفر عددا كثيرا من الصغائر ولم يكن عليه من الصغائر شيء أصلا أو شيء يسير وعليه كبيرة واحدة مثلا فإنها تكفر عنه ذلك لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا‏.‏

قلت‏:‏ وقد وقع في رواية أبي بكر البرزنجي عن محمد بن عبد الملك الواسطي عن عمرو بن عاصم بسند حديث الباب بلفظ ‏"‏ أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي الحد ‏"‏ الحديث فحمله بعض العلماء على أنه ظن ما ليس زنا زنا فلذلك كفرت ذنبه الصلاة، وقد يتمسك به من قال إنه إذا جاء تائبا سقط عنه الحد، ويحتمل أن يكون الراوي عبر بالزنا من قوله أصبت حدا فرواه بالمعنى الذي ظنه والأصل ما في الصحيح فهو الذي اتفق عليه الحفاظ عن عمرو ابن عاصم بسنده المذكور، ويحتمل أن يختص ذلك بالمذكور لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد كفر عنه حده بصلاته، فإن ذلك لا يعرف إلا بطريق الوحي فلا يستمر الحكم في غيره إلا في من علم أنه مثله في ذلك وقد انقطع علم ذلك بانقطاع الوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تمسك بظاهره صاحب الهدى فقال للناس في حديث أبي أمامة - يعني المذكور قبل - ثلاث مسالك‏:‏ أحدها أن الحد لا يجب إلا بعد تعيينه والإصرار عليه من المقر به، والثاني أن ذلك يختص بالرجل المذكور في القصة، والثالث أن الحد يسقط بالتوبة، قال‏:‏ وهذا أصح المسالك، وقواه بأن الحسنة التي جاء بها من اعترافه طوعا بخشية الله وحده تقاوم السيئة التي عملها، لأن حكمة الحدود الردع عن العود، وصنيعه ذلك دال على ارتداعه فناسب رفع الحد عنه لذلك والله أعلم‏.‏

*3*باب هَلْ يَقُولُ الْإِمَامُ لِلْمُقِرِّ لَعَلَّكَ لَمَسْتَ أَوْ غَمَزْتَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب هل يقول الإمام للمقر‏)‏ أي بالزنا ‏(‏لعلك لمست أو غمزت‏)‏ هذه الترجمة معقودة لجواز تلقين الإمام المقر بالحد ما يدفعه عنه، وقد خصه بعضهم بمن يظن به أنه أخطأ أو جهل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ قَالَ لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنِكْتَهَا لَا يَكْنِي قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏سمعت يعلى بن حكيم‏)‏ في رواية موسى بن إسماعيل عند أبي داود عن جرير بن حازم ‏"‏ حدثنا يعلى ‏"‏ ولم يسم أباه في روايته فظن بعضهم أنه ابن مسلم وليس كذلك للتصريح في إسناد هذا الباب بأنه ابن حكيم‏.‏

قوله ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ لم يذكره موسى في روايته بل أرسله وأشار إلى ذلك أبو داود، وكان البخاري لم يعتبر هذه العلة لأن وهب بن جرير وصله وهو أخبر بحديث أبيه من غيره، ولأنه ليس دون موسى في الحفظ، ولأن أصل الحديث معروف عن ابن عباس فقد أخرجه أحمد وأبو داود من رواية خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عنن ابن عباس‏.‏

قوله ‏(‏لما أتى ماعز بن مالك‏)‏ في رواية خالد الحذاء ‏"‏ إن ماعز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه زنى فأعرض عنه، فأعاد عليه مرار، فسأل قومه‏:‏ أمجنون هو‏؟‏ قالوا ليس به بأس ‏"‏ وسنده على شرط البخاري، وذكر الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ أن يزيد بن زريع تفرد به عن خالد الحذاء‏.‏

قوله ‏(‏قال له لعلك قبلت‏)‏ حذف المفعول للعلم به أي المرأة المذكورة ولم يعين محل التقبيل وقوله ‏"‏ أو غمزت ‏"‏ بالغين المعجمة والزاي أي بعينك أو يدك أي أشرت ‏"‏ أو المراد بغمزت بيدك الجس أو وضعها على عضو الغير، وإلى ذلك الإشارة بقوله ‏"‏ لمست ‏"‏ بدل ‏"‏ غمزت ‏"‏ وقد وقع في رواية يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عند الإسماعيلي بلفظ ‏"‏ لعلك قبلت أو لمست‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أو نظرت‏)‏ أي فأطلقت على أي واحدة فعلت من الثلاث زنا ففيه إشارة إلى الحديث الآخر المخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة ‏"‏ العين تزني وزناها النظر ‏"‏ وفي بعض طرقه عندهما أو عند أحدهما ذكر اللسان واليد والرجل والأذن، زاد أبو داود والفم، وعندهم ‏"‏ والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ‏"‏ وفي الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رفعه ‏"‏ كل عين زانية‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أنكتها‏)‏ بالنون والكاف ‏(‏لا يكنى‏)‏ أي تلفظ بالكلمة المذكورة ولم يكن عنها بلفظ آخر، وقد وقع في رواية خالد بلفظ ‏"‏ أفعلت بها ‏"‏ وكأن هذه الكناية صدرت منه أو من شيخه للتصريح في رواية الباب بأنه لم يكن، وقد تقدم في حديث أبي هريرة الذي تقدمت الإشارة إلى أن أبا داود أخرجه في ‏"‏ باب لا يرجم المجنون ‏"‏ زيادات في هذه الألفاظ‏.‏

قوله ‏(‏فعند ذلك أمر برجمه‏)‏ زاد خالد الحذاء في روايته ‏"‏ فانطلق به فرجم ولم يصل عليه‏"‏‏.‏

*3*باب سُؤَالِ الْإِمَامِ الْمُقِرَّ هَلْ أَحْصَنْتَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت‏)‏ أي تزوجت ودخلت بها وأصبتها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ النَّاسِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَحْصَنْتَ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏رجل من الناس‏)‏ أي ليس من أكابر الناس ولا بالمشهور فيهم‏.‏

قوله ‏(‏زنيت يريد نفسه‏)‏ أي أنه لم يجيء مستفتيا لنفسه ولا لغيره وإنما جاء مقرا بالزنا ليفعل معه ما يجب عليه شرعا، وقد تقدمت فوائد الحديث المذكور فيه في ‏"‏ باب لا يرجم المجنون ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ محل مشروعية سؤال المقر بالزنا عن ذلك إذا كان لم يعلم أنه تزوج تزويجا صحيحا ودخل بها، فأما إذا علم إحصانه فلا يسأل عن ذلك‏.‏

ثم حكى عن المالكية تفصيلا فيما إذا علم أنه تزوج ولم يسمع منه إقرارا بالدخول فقيل‏:‏ من أقام مع الزوجة ليلة واحدة لم يقبل إنكاره، وقيل أكثر من ذلك‏.‏

وهل يحد حد الثيب أو البكر‏؟‏ الثاني أرجح، وكذا إذا اعترف الزوج بالإصابة‏.‏

ثم قال‏:‏ إنما اعترفت بذلك لأملك الرجعة أو اعترفت المرأة ثم قالت‏:‏ إنما فعلت ذلك لأستكمل الصداق، فإن كلا منهما يحد حد البكر انتهى‏.‏

وعند غيرهم يرفع الحد أصلا‏.‏

ونقل الطحاوي عن أصحابهم أن من قال لآخر يا زاني فصدقه أنه يجلد القائل ولا يحد المصدق‏.‏

وقال زفر بل يحد، قلت‏:‏ وهو قول الجمهور، ورجح الطحاوي قول زفر واستدل بحديث الباب وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز ‏"‏ أحق ما بلغني عنك أنك زنيت‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فحده ‏"‏ قال وباتفاقهم على أن من قال لآخر لي عليك ألف فقال صدقت أنه يلزمه المال‏.‏

*3*باب الِاعْتِرَافِ بِالزِّنَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الاعتراف بالزنا‏)‏ هكذا عبر بالاعتراف لوقوعه في حديثي الباب، وقد تقدم في شرح قصة ماعز البحث في أنه هل يشترط في الإقرار بالزنا التكرير أو لا‏؟‏ واحتج من اكتفى بالمرة بإطلاق الاعتراف في الحديث ولا يعارض ما وقع في قصة ماعز من تكرار الاعتراف لأنها واقعة حال كما تقدم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ قَالَا كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فَقَالَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي قَالَ قُلْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَعَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا قُلْتُ لِسُفْيَانَ لَمْ يَقُلْ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَقَالَ الشَّكُّ فِيهَا مِنْ الزُّهْرِيِّ فَرُبَّمَا قُلْتُهَا وَرُبَّمَا سَكَتُّ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو ابن عيينة‏.‏

قوله ‏(‏حفظناه من في الزهري‏)‏ في رواية الحميدي عن سفيان ‏"‏ حدثنا الزهري ‏"‏ وفي رواية عبد الجبار ابن العلاء عن سفيان عند الإسماعيلي ‏"‏ سمعت الزهري‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أخبرني عبيد الله‏)‏ زاد الحميدي ‏"‏ ابن عبد الله بن عتبة‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أنه سمع أبا هريرة وزيد بن خالد‏)‏ في رواية الحميدي ‏"‏ عن زيد بن خالد الجهني وأبي هريرة وشبل ‏"‏ وكذا قال أحمد وقتيبة عند النسائي وهشام بن عمار وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح عند ابن ماجه وعمرو بن علي وعبد الجبار بن العلاء والوليد بن شجاع وأبو خيثمة ويعقوب الدورقي وإبراهيم ابن سعيد الجوهري عند الإسماعيلي وآخرون عن سفيان‏.‏

وأخرجه الترمذي عن نصر بن علي وغير واحد عن سفيان ولفظه ‏"‏ سمعت من أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل لأنهم كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ هذا وهم من سفيان، وإنما روى عن الزهري بهذا السند حديث ‏"‏ إذا زنت الأمة ‏"‏ فذكر فيه شبلا، وروى حديث الباب بهذا السند ليس فيه شبل فوهم سفيان في تسويته بين الحديثين‏.‏

قلت‏:‏ وسقط ذكر شبل من رواية الصحيحين من طريقه لهذا الحديث، وكذا أخرجاه من طرق عن الزهري‏:‏ منها عن مالك والليث وصالح بن كيسان، وللبخاري من رواية ابن أبي ذئب وشعيب بن أبي حمزة، ولمسلم من رواية يونس بن يزيد ومعمر كلهم عن الزهري ليس فيه شبل، قال الترمذي وشبل لا صحبة له، والصحيح ما روى الزبيدي ويونس وابن أخي الزهري فقالوا عن الزهري ‏"‏ عن عبيد الله عن شبل بن خالد عن عبد الله بن مالك الأوسي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمة إذا زنت‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ ورواية الزبيدي عند النسائي، وكذا أخرجه من رواية يونس عن الزهري، وليس هو في الكتب الستة من هذا الوجه إلا عند النسائي، وليس فيه ‏"‏ كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية شعيب ‏"‏ بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفي رواية ابن أبي ذئب ‏"‏ وهو جالس في المسجد‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فقام رجل‏)‏ في رواية ابن أبي ذئب الآتية قريبا وصالح بن كيسان الآتية في الأحكام والليث الماضية في الشروط ‏"‏ إن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس ‏"‏ وفي رواية شعيب في الأحكام ‏"‏ إذ قام رجل من الأعراب ‏"‏ وفي رواية مالك الآتية قريبا ‏"‏ إن رجلين اختصما‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أنشدك الله‏)‏ في رواية الليث ‏"‏ فقال يا رسول الله أنشدك الله ‏"‏ بفتح أوله ونون ساكنة وضم الشين المعجمة أي أسألك بالله، وضمن أنشدك معنى أذكرك فحذف الباء أي أذكرك رافعا نشيدتي أي صوتي، هذا أصله ثم استعمل في كل مطلوب مؤكد ولو لم يكن هناك رفع صوت، وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل رفع الرجل صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم مع النهي عنه ثم أجاب عنه بأنه لم يبلغه النهي لكونه أعرابيا، أو النهي لمن يرفعه حيث يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم على ظاهر الآية‏.‏

وذكر أبو علي الفارسي أن بعضهم رواه بضم الهمزة وكسر المعجمة وغلطه‏.‏

قوله ‏(‏إلا قضيت بيننا بكتاب الله‏)‏ في رواية الليث ‏"‏ إلا قضيت لي بكتاب الله ‏"‏ قيل فيه استعمال الفعل بعد الاستثناء بتأويل المصدر وإن لم يكن فيه حرف مصدري لضرورة افتقار المعنى إليه، وهو من المواضع التي يقع فيها الفعل موقع الاسم ويراد به النفي المحصور فيه المفعول، والمعنى هنا لا أسألك إلا القضاء بكتاب الله، ويحتمل أن تكون إلا جواب القسم لما فيها من معنى الحصر وتقديره أسألك بالله لا تفعل شيئا إلا القضاء، فالتأكيد إنما وقع لعدم التشاغل بغيره لا لأن لقوله ‏"‏ بكتاب الله ‏"‏ مفهوما، وبهذا يندفع إيراد من استشكل فقال‏:‏ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحكم إلا بكتاب الله فما فائدة السؤال والتأكيد في ذلك‏؟‏ ثم أجاب بأن ذلك من جفاة الأعراب والمراد بكتاب الله ما حكم به وكتب على عباده، وقيل المراد القرآن وهو المتبادر‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ الأول أولى لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن إلا بواسطة أمر الله باتباع رسوله، قيل وفيما قال نظر لاحتمال أن يكون المراد ما تضمنه قوله تعالى ‏(‏أو يجعل الله لهن سبيلا‏)‏ فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن السبيل جلد البكر ونفيه ورجم الثيب‏.‏

قلت‏:‏ وهذا أيضا بواسطة التبيين، ويحتمل أن يراد بكتاب الله الآية التي نسخت تلاوتها وهي ‏"‏ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ‏"‏ وسيأتي بيانه في الحديث الذي يليه، وبهذا أجاب البيضاوي ويبقى عليه التغريب، وقيل المراد بكتاب الله ما فيه من النهي عن أكل المال بالباطل لأني خصمه كان أخذ منه الغنم والوليدة بغير حق فلذلك قال ‏"‏ الغنم والوليدة رد عليك‏"‏‏.‏

والذي يترجح أن المراد بكتاب الله ما يتعلق بجميع أفراد القصة مما وقع به الجواب الآتي ذكره، والعلم عند الله تعالى‏.‏

قوله ‏(‏فقام خصمه وكان أفقه منه‏)‏ في رواية مالك ‏"‏ فقال الآخر وهو أفقههما ‏"‏ قال شيخنا في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ يحتمل أن يكون الراوي كان عارفا بهما قبل أن يتحاكما فوصف الثاني بأنه أفقه من الأول إما مطلقا وإما في هذه القصة الخاصة، أو استدل بحسن أدبه في استئذانه وترك رفع صوته إن كان الأول رفعه وتأكيده السؤال على فقهه، وقد ورد أن حسن السؤال نصف العلم، وأورده ابن السني في ‏"‏ كتاب رياضة المتعلمين ‏"‏ حديثا مرفوعا بسند ضعيف‏.‏

قوله ‏(‏فقال اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي‏)‏ في رواية مالك ‏"‏ فقال أجل ‏"‏ وفي رواية الليث ‏"‏ فقال نعم فاقض ‏"‏ وفي رواية ابن أبي ذئب وشعيب ‏"‏ فقال صدق اقض له يا رسول الله بكتاب الله‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وائذن لي‏)‏ زاد ابن أبي شيبة عن سفيان ‏"‏ حتى أقول ‏"‏ وفي رواية مالك ‏"‏ أن أتكلم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏قل‏)‏ في رواية محمد بن يوسف ‏(‏فقال النبي صلى الله عليه وسلم قل ‏"‏ وفي رواية مالك ‏"‏ قال تكلم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏قال‏)‏ ظاهر السياق أن القائل هو الثاني، وجزم الكرماني بأن القائل هو الأول واستند في ذلك لما وقع في كتاب الصلح عن آدم عن ابن أبي ذئب هنا ‏"‏ فقال الأعرابي إن ابني ‏"‏ بعد قوله في أول الحديث ‏"‏ جاء أعرابي، وفيه ‏"‏ فقال خصمه ‏"‏ وهذه الزيادة شاذة والمحفوظ ما في سائر الطرق كما في رواية سفيان في هذا الباب، وكذا وقع في الشروط عن عاصم بن علي عن ابن أبي ذئب موافقا للجماعة ولفظه ‏"‏ فقال صدق، اقض له يا رسول الله بكتاب الله، إن ابني إلخ ‏"‏ فالاختلاف فيه على ابن أبي ذئب، وقد وافق آدم أبو بكر الحنفي عند أبي نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ ووافق عاصما يزيد بن هارون عند الإسماعيلي‏.‏

قوله ‏(‏إن ابني هذا‏)‏ فيه أن الابن كان حاضرا فأشار إليه، وخلا معظم الروايات عن هذه الإشارة‏.‏

قوله ‏(‏كان عسيفا على هذا‏)‏ هذه الإشارة الثانية لخصم المتكلم وهو زوج المرأة، زاد شعيب في روايته ‏"‏ والعسيف الأجير ‏"‏ وهذا التفسير مدرج في الخبر، وكأنه من قول الزهري لما عرف من عادته أنه كان يدخل كثيرا من التفسير في أثناء الحديث كما بينته في مقدمة كتابي في المدرج، وقد فصله مالك فوقع في سياقه، ‏"‏ كان عسيفا على هذا‏.‏

قال مالك‏:‏ والعسيف الأجير ‏"‏ وحذفها سائر الرواة، والعسيف بمهملتين الأجير وزنه ومعناه والجمع عسفاء كأجراء، ويطلق أيضا على الخادم وعلى العبد وعلى السائل، وقيل يطلق على من يستهان به، وفسره عبد الملك بن حبيب بالغلام الذي لم يحتلم، وإن ثبت ذلك فإطلاقه على صاحب هذه القصة باعتبار حاله في ابتداء الاستئجار‏.‏

ووقع في رواية للنسائي تعيين كونه أجيرا، ولفظه من طريق عمرو بن شعيب عن ابن شهاب ‏"‏ كان ابني أجيرا لامرأته ‏"‏ وسمي الأجير عسيفا لأن المستأجر يعسفه في العمل والعسف الجور، أو هو بمعنى الفاعل لكونه يعسف الأرض بالتردد فيها، يقال عسف الليل عسفا إذا أكثر السير فيه، ويطلق العسف أيضا على الكفاية، والأجير يكفي المستأجر الأمر الذي أقامه فيه‏.‏

قوله ‏(‏على هذا‏)‏ ضمن على معنى عند بدليل رواية عمرو بن شعيب‏.‏

وفي رواية محمد بن يوسف ‏"‏ عسيفا في أهل هذا ‏"‏ وكأن الرجل استخدمه فيما تحتاج إليه امرأته من الأمور فكان ذلك سببا لما وقع له معها‏.‏

قوله ‏(‏فزنى بامرأته فافتديت‏)‏ زاد الحميدي عن سفيان ‏"‏ فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت ‏"‏ وقد ذكر على بن المديني رواية في آخره هنا أن سفيان كان يشك في هذه الزيادة فربما تركها، وغالب الرواة عنه كأحمد ومحمد بن يوسف وابن أبي شيبة لم يذكروها وثبتت عند مالك والليث وابن أبي ذئب وشعيب وعمرو بن شعيب، ووقع في رواية آدم ‏"‏ فقالوا لي على ابنك الرجم ‏"‏ وفي رواية الحميدي فأخبرت، بضم الهمزة على البناء للمجهول‏.‏

وفي رواية أبي بكر الحنفي ‏"‏ فقال لي ‏"‏ بالإفراد، وكذا عند أبي عوانة من رواية ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب، فإن ثبتت فالضمير في قوله فافتديت منه لخصمه، وكأنهم ظنوا أن ذلك حق له يستحق أن يعفو عنه على مال يأخذه، وهذا ظن باطل، ووقع في رواية عمرو بن شعيب ‏"‏ فسألت من لا يعلم فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏بمائة شاة وخادم‏)‏ المراد بالخادم الجارية المعدة للخدمة بدليل رواية مالك بلفظ ‏"‏ وجارية لي ‏"‏ وفي رواية ابن أبي ذئب وشعيب ‏"‏ بمائة من الغنم ووليدة ‏"‏ وقد تقدم تفسير الوليدة في أواخر الفرائض‏.‏

قوله ‏(‏ثم سألت رجالا من أهل العلم فأخبروني‏)‏ لم أقف على أسمائهم ولا على عددهم ولا على اسم الخصمين ولا الابن ولا المرأة‏.‏

وفي رواية مالك وصالح بن كيسان وشعيب ‏"‏ ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني ‏"‏ ومثله لابن أبي ذئب لكن قال ‏"‏ فزعموا ‏"‏ وفي رواية معمر ‏"‏ ثم أخبرني أهل العلم ‏"‏ وفي رواية عمرو بن شعيب ‏"‏ ثم سألت من يعلم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أن على ابني‏)‏ في رواية مالك ‏"‏ إنما على ابني‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏جلد مائة‏)‏ بالإضافة للأكثر، وقرأه بعضهم بتنوين جلد مرفوع وتنوين مائة منصوب على التمييز ولم يثبت رواية‏.‏

قوله ‏(‏وعلى امرأة هذا الرجم‏)‏ في رواية مالك والأكثر ‏"‏ وإنما الرجم على امرأته ‏"‏ وفي رواية عمرو ابن شعيب ‏"‏ فأخبروني أن ليس على ابني الرجم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏والذي نفسي بيده‏)‏ في رواية مالك ‏"‏ أما والذي‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏لأقضين‏)‏ بتشديد النون للتأكيد‏.‏

قوله ‏(‏بكتاب الله‏)‏ في رواية عمرو بن شعيب ‏"‏ بالحق ‏"‏ وهي ترجح أول الاحتمالات الماضي ذكرها‏.‏

قوله ‏(‏المائة شاة والخادم رد‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ عليك ‏"‏ وكذا في رواية مالك ولفظه ‏"‏ أما غنمك وجاريتك فرد عليك ‏"‏ أي مردود من إطلاق لفظ المصدر على اسم المفعول كقولهم ثوب نسج أي منسوج‏.‏

ووقع في رواية صالح بن كيسان ‏"‏ أما الوليدة والغنم فردها ‏"‏ وفي رواية عمرو بن شعيب ‏"‏ أما ما أعطيته فرد عليك ‏"‏ فإن كان الضمير في أعطيته لخصمه تأيدت الرواية الماضية وإن كان للعطاء فلا‏.‏

قوله ‏(‏وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام‏)‏ قال النووي‏:‏ هو محمول على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن الابن كان بكرا وأنه اعترف بالزنا، ويحتمل أن يكون أضمر اعترافه والتقدير وعلى ابنك إن اعترف، والأول أليق فإنه كان في مقام الحكم، فلو كان في مقام الإفتاء لم يكن فيه إشكال لأن التقدير إن كان زنى وهو بكر، وقرينة اعترافه حضوره مع أبيه وسكوته عما نسبه إليه، وأما العلم بكونه بكرا فوقع صريحا من كلام أبيه في رواية عمرو بن شعيب ولفظه ‏"‏ كان ابني أجيرا لامرأة هذا وابني لم يحصن‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام‏)‏ وافقه الأكثر، ووقع في رواية عمرو بن شعيب ‏"‏ وأما ابنك فنجلده مائة ونغربه سنة ‏"‏ وفي رواية مالك وصالح بن كيسان ‏"‏ وجلد ابنه مائة وغربه عاما ‏"‏ وهذا ظاهر في أن الذي صدر حينئذ كان حكما لا فتوى، بخلاف رواية سفيان ومن وافقه‏.‏

قوله ‏(‏واغد يا أنيس‏)‏ بنون ومهملة مصغر ‏(‏على امرأة هذا‏)‏ زاد محمد بن يوسف‏:‏ فاسألها، قال ابن السكن في كتاب الصحابة‏:‏ لا أدري من هو ولا وجدت له رواية ولا ذكرا إلا في هذا الحديث‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ هو ابن الضحاك الأسلمي وقيل ابن مرثد وقيل ابن أبي مرثد، وزيفوا الأخير بأن أنيس ابن أبي مرثد صحابي مشهور وهو غنوي بالغين المعجمة والنون لا أسلمي وهو بفتحتين لا التصغير، وغلط من زعم أيضا أنه أنس بن مالك وصغر كما صغر في رواية أخرى عند مسلم لأنه أنصاري لا أسلمي، ووقع في رواية شعيب وابن أبي ذئب ‏"‏ وأما أنت يا أنيس - لرجل من أسلم - فاغد ‏"‏ وفي رواية مالك ويونس وصالح ابن كيسان ‏"‏ وأمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر ‏"‏ وفي رواية معمر ‏"‏ ثم قال لرجل من أسلم يقال له أنيس قم يا أنيس فسل امرأة هذا ‏"‏ وهذا يدل على أن المراد بالغدو الذهاب والتوجه كما يطلق الرواح على ذلك، وليس المراد حقيقة الغدو وهو التأخير إلى أول النهار كما لا يراد بالرواح التوجه نصف النهار، وقد حكى عياض أن بعضهم استدل به على جواز تأخر إقامة الحد عند ضيق الوقت واستضعفه بأنه ليس في الخبر أن ذلك كان في آخر النهار‏.‏

قوله ‏(‏فإن اعترفت فارجمها‏)‏ في رواية يونس ‏"‏ وأمر أنيسا الأسلمي أن يرجم امرأة الآخر إذ اعترفت‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فغدا عليها فاعترفت فرجمها‏)‏ كذا للأكثر، ووقع في رواية الليث ‏"‏ فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت ‏"‏ واختصره ابن أبي ذئب فقال ‏"‏ فغدا عليها فرجمها ‏"‏ ونحوه في رواية صالح ابن كيسان‏.‏

وفي رواية عمرو بن شعيب ‏"‏ وأما امرأة هذا فترجم ‏"‏ ورواية الليث أتمها لأنها تشعر بأن أنيسا أعاد جوابها عل النبي صلى الله عليه وسلم فأمر حينئذ برجمها ويحتمل أن يكون المراد أمره الأول المعلق على اعترافها فيتحد مع رواية الأكثر وهو أولى‏.‏

وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم الرجوع إلى كتاب الله نصا أو استنباطا، وجواز القسم على الأمر لتأكيده، والحلف بغير استحلاف، وحسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وحلمه على من يخاطبه بما الأولى خلافه، وأن من تأسى به من الحكام في ذلك يحمد كمن لا ينزعج لقول الخصم مثلا احكم بيننا بالحق‏.‏

وقال البيضاوي‏:‏ إنما تواردا على سؤال الحكم بكتاب الله مع أنهما يعلمان أنه لا يحكم إلا بحكم الله ليحكم بينهما بالحق الصرف لا بالمصالحة ولا الأخذ بالأرفق، لأن للحاكم أن يفعل ذلك برضا الخصمين‏.‏

وفيه أن حسن الأدب في مخاطبة الكبير يقتضي التقديم في الخصومة ولو كان المذكور مسبوقا، وأن للإمام أن يأذن لمن شاء من الخصمين في الدعوى إذا جاءا معا وأمكن أن كلا منهما يدعى، واستحباب استئذان المدعي والمستفتي الحاكم والعالم في الكلام، ويتأكد ذلك إذا ظن أن له عذرا‏.‏

وفيه أن من أقر بالحد وجب على الإمام إقامته عليه ولو لم يعترف مشاركه في ذلك، وأن من قذف غيره لا يقام عليه الحد إلا إن طلبه المقذوف، خلافا لابن أبي ليلى فإنه قال يجب ولو لم يطلب المقذوف‏.‏

قلت‏:‏ وفي الاستدلال به نظر، لأن محل الخلاف إذا كان المقذوف حاضرا، وأما إذا كان غائبا كهذا فالظاهر أن التأخير لاستكشاف الحال‏.‏

فإن ثبت في حق المقذوف فلا حد على القاذف كما في هذه القصة، وقد قال النووي تبعا لغيره أن سبب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أنيسا للمرأة ليعلمها بالقذف المذكور لتطالب بحد قاذفها إن أنكرت، قال‏:‏ هكذا أوله العلماء من أصحابنا وغيرهم ولا بد منه لأن ظاهره أنه بعث يطلب إقامة حد الزنا وهو غير مراد لأن حد الزنا لا يحتاط له بالتجسس والتنقيب عنه بل يستحب تلقين المقر به ليرجع كما تقدم في قصة ماعز وكأن لقوله ‏"‏ فإن اعترفت ‏"‏ مقابلا أي وإن أنكرت فأعلمها أن لها طلب حد القذف فحذف لوجود الاحتمال‏.‏

فلو أنكرت وطلبت لأجيبت‏.‏

وقد أخرج أبو داود والنسائي من طريق سعيد بن المسيب عن ابن عباس ‏"‏ أن رجلا أقر بأنه زنى بامرأة فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة ‏"‏ ثم سأل المرأة فقالت كذب فجلده حد الفرية ثمانين وقد سكت عليه أبو داود وصححه الحاكم واستنكره النسائي‏.‏

وفيه أن المخدرة التي لا تعتاد البروز لا تكلف الحضور لمجلس الحكم بل يجوز أن يرسل إليها من يحكم لها وعليها، وقد ترجم النسائي لذلك‏.‏

وفيه أن السائل يذكر كل ما وقع في القصة لاحتمال أن يفهم المفتي أو الحاكم من ذلك ما يستدل به على خصوص الحكم في المسألة لقول السائل إن ابني كان عسيفا على هذا، وهو إنما جاء يسأل عن حكم الزنا، والسر في ذلك أنه أراد أن يقيم لابنه معذرة ما وأنه لم يكن مشهورا بالعهر ولم يهجم على المرأة مثلا ولا استكرهها، وإنما وقع له ذلك لطول الملازمة المقتضية لمزيد التأنيس والإدلال، فيستفاد منه الحث على إبعاد الأجنبي من الأجنبية مهما أمكن، لأن العشرة قد تفضي إلى الفساد ويتسور بها الشيطان إلى الإفساد‏.‏

وفيه جواز استفتاء المفضول مع وجود الفاضل، والرد على من منع التابعي أن يفتي مع وجود الصحابي مثلا‏.‏

وفيه جواز الاكتفاء في الحكم بالأمر الناشئ عن الظن مع القدرة على اليقين، لكن إذا اختلفوا على المستفتي يرجع إلى ما يفيد القطع وإن كان في ذلك العصر الشريف من يفتي بالظن الذي لم ينشأ عن أصل، ويحتمل أن يكون وقع ذلك من المنافقين أو من قرب عهده بالجاهلية فأقدم على ذلك‏.‏

وفيه أن الصحابة كانوا يفتون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي بلده، وقد عقد محمد ابن سعد في الطبقات بابا لذلك وأخرج بأسانيد فيها الواقدي أن منهم أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وعبد الرحمن ابن عوف وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت‏.‏

وفيه أن الحكم المبني على الظن ينقض بما يفيد القطع‏.‏

وفيه أن الحد لا يقبل الفداء، وهو مجمع عليه في الزنا والسرقة والحرابة وشرب المسكر، واختلف في القذف والصحيح أنه كغيره وإنما يجري الفداء في البدن كالقصاص في النفس والأطراف‏.‏

وأن الصلح المبني على غير الشرع يرد ويعاد المال المأخوذ فيه، قال ابن دقيق العيد‏:‏ وبذلك يتبين ضعف عذر من اعتذر من الفقهاء عن بعض العقود الفاسدة بأن المتعاوضين تراضيا وأذن كل منهما للآخر في التصرف، والحق أن الإذن في التصرف مقيد بالعقود الصحيحة‏.‏

وفيه جواز الاستنابة في إقامة الحد، واستدل به على وجوب الإعذار والاكتفاء فيه بواحد، وأجاب عياض باحتمال أن يكون ذلك ثبت عند النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة هذين الرجلين، كذا قال والذي تقبل شهادته من الثلاثة والد العسيف فقط وأما العسيف والزوج فلا، وغفل بعض من تبع القاضي فقال‏:‏ لا بد من هذا الحمل وإلا لزم الاكتفاء بشهادة واحد في الإقرار بالزنا ولا قائل به، ويمكن الانفصال عن هذا بأن أنيس بعث حاكما فاستوفى شروط الحكم ثم استأذن في رجمها فأذن له في رجمها، وكيف يتصور من الصورة المذكورة إقامة الشهادة عليها من غير تقدم دعوى عليها ولا على وكيلها مع حضورها في البلد غير متوارية، إلا أن يقال إنها شهادة حسبة، ويجاب بأنه لم يقع هناك صيغة الشهادة المشروطة في ذلك‏.‏

واستدل به على جواز الحكم بإقرار الجاني من غير ضبط بشهادة عليه، ولكنها واقعة عين فيحتمل أن يكون أنيس أشهد قبل رجمها‏.‏

قال عياض‏:‏ احتج قوم بجواز حكم الحاكم في الحدود وغيرها بما أقر به الخصم عنده وهو أحد قولي الشافعي وبه قال أبو ثور، وأبى ذلك الجمهور، والخلاف في غير الحدود أقوى، قال وقصة أنيس يطرقها احتمال معنى الإعذار كما مضى، وأن قوله ‏"‏ فارجمها ‏"‏ أي بعد إعلامي، أو أنه فوض الأمر إليه فإذا اعترفت بحضرة من يثبت ذلك بقولهم تحكم، وقد دل قوله ‏"‏ فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي حكم فيها بعد أن أعلمه أنيس باعترافها، كذا قال، والذي يظهر أن أنيسا لما اعترفت أعلم النبي صلى الله عليه وسلم مبالغة في الاستثبات، مع كونه كان علق له رجمها على اعترافها‏.‏

واستدل به على أن حضور الإمام الرجل ليس شرطا، وفيه نظر لاحتمال أن أنيسا كان حاكما وقد حضر - بل باشر - الرجم لظاهر قوله ‏"‏ فرجمها‏"‏‏.‏

وفيه ترك الجمع بين الجلد والتغريب، وسيأتي في ‏"‏ باب البكران يجلدان وينفيان ‏"‏ وفيه الاكتفاء بالاعتراف بالمرة الواحدة لأنه لم ينقل أن المرأة تكرر اعترافها، والاكتفاء بالرجم من غير جلد لأنه لم ينقل في قصتها أيضا، وفيه نظر لأن الفعل لا عموم له فالترك أولى‏.‏

وفيه جواز استئجار الحر‏.‏

وجواز إجارة الأب ولده الصغير لمن يستخدمه إذا احتاج لذلك‏.‏

واستدل به على صحة دعوى الأب لمحجوره ولو كان بالغا لكون الولد كان حاضرا ولم يتكلم إلا أبوه، وتعقب باحتمال أن يكون وكيله أو لأن التداعي لم يقع إلا بسبب المال الذي وقع به الفداء فكأن والد العسيف ادعى على زوج المرأة بما أخذه منه إما لنفسه وإما لامرأته بسبب ذلك حين أعلمه أهل العلم بأن ذلك الصلح فاسد ليستعيده منه سواء كان من ماله أو من مال ولده، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم برد ذلك إليه، وأما ما وقع في القصة من الحد فباعتراف العسيف ثم المرأة‏.‏

وفيه أن حال الزانيين إذا اختلفا أقيم على كل واحد حده لأن العسيف جلد والمرأة رجمت، فكذا لو كان أحدهما حرا والآخر رقيقا، وكذا لو زنى بالغ بصبية أو عاقل بمجنونة حد البالغ والعاقل دونهما، وكذا عكسه‏.‏

وفيه أن من قذف ولده لا يحد له لأن الرجل قال إن ابني زنى ولم يثبت عليه حد القذف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ عُمَرُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ لَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ قَالَ سُفْيَانُ كَذَا حَفِظْتُ أَلَا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن الزهري‏)‏ صرح الحميدي فيه بالتحديث عن سفيان قال ‏"‏ أتينا - يعني الزهري - فقال إن شئتم حدثتكم بعشرين حديثا أو حدثتكم بحديث السقيفة، فقالوا‏:‏ حدثنا بحديث السقيفة ‏"‏ فحدثهم به بطوله، فحفظت منه شيئا ثم حدثني ببقيته بعد ذلك معمر‏.‏

قوله ‏(‏عن عبيد الله‏)‏ بالتصغير هو المذكور في الحديث قبله‏:‏ ووقع عند أبي عوانة في رواية يونس عن الزهري ‏"‏ أخبرني عبيد الله‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏عن ابن عباس قال‏:‏ قال عمر‏)‏ في رواية محمد بن منصور عن سفيان عند النسائي ‏"‏ سمعت عمر‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏لقد خشيت إلخ‏)‏ هو طرف من الحديث ويأتي بتمامه في الباب الذي يليه، والغرض منه هنا قوله ‏"‏ ألا وإن الرجم حق ‏"‏ إلخ‏.‏

قوله ‏(‏قال سفيان‏)‏ هو موصول بالسند المذكور‏.‏

قوله ‏(‏كذا حفظت‏)‏ هذه جملة معترضة بين قوله ‏"‏ أو الاعتراف ‏"‏ وبين قوله ‏"‏ وقد رجم ‏"‏ وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية جعفر الفريابي عن علي بن عبد الله شيخ البخاري فيه فقال بعد قوله أو الاعتراف ‏"‏ وقد قرأناها‏:‏ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ‏"‏ فسقط من رواية البخاري من قوله ‏"‏ وقرأ ‏"‏ إلى قوله ‏"‏ البتة ‏"‏ ولعل البخاري وهو الذي حذف ذلك عمدا، فقد أخرجه النسائي عن محمد بن منصور عن سفيان كرواية جعفر ثم قال ‏"‏ لا أعلم أحدا ذكر في هذا الحديث الشيخ والشيخة غير سفيان ‏"‏ وينبغي أن يكون وهم في ذلك - قلت‏:‏ وقد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية مالك ويونس ومعمر وصالح بن كيسان وعقيل وغيرهم من الحفاظ عن الزهري فلا يذكروها، وقد وقعت هذه الزيادة في هذا الحديث من رواية الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال ‏"‏ لما صدر عمر من الحج وقدم المدينة خطب الناس فقال‏:‏ أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة - ثم قال إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي‏:‏ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة‏"‏‏.‏

قال مالك‏:‏ الشيخ والشيخة الثيب والثيبة‏.‏

ووقع في ‏"‏ الحلية ‏"‏ في ترجمة داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن عمر ‏"‏ لكتبتها في آخر القرآن ‏"‏ ووقعت أيضا في هذا الحديث في رواية أبي معشر الآتي التنبيه عليها في الباب الذي يليه، فقال متصلا بقوله قد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ‏"‏ ولولا أن يقولوا كتب عمر ما ليس في كتاب الله لكتبته، قد قرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ‏"‏ وأخرج هذه الجملة النسائي وصححه الحاكم من حديث أبي بن كعب قال ‏"‏ ولقد كان فيها - أي سورة الأحزاب - آية الرجم‏:‏ الشيخ ‏"‏ فذكر مثله‏.‏

ومن حديث أبي بن ثابت ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ الشيخ والشيخة ‏"‏ مثله إلى قوله ‏"‏ البتة ‏"‏ ومن رواية أبي أسامة بن سهل أن خالته أخبرته قالت ‏"‏ لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم ‏"‏ فذكره إلى قوله ‏"‏ البتة ‏"‏ وزاد ‏"‏ بما قضيا من اللذة ‏"‏ وأخرج النسائي أيضا أن مروان بن الحاكم قال لزيد بن ثابت ‏"‏ ألا تكتبها، في المصحف‏؟‏ قال‏:‏ لا، ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان‏؟‏ ولقد ذكرنا ذلك، فقال عمر‏:‏ أنا أكفيكم، فقال‏:‏ يا رسول الله أكتبني آية الرجم، قال لا أستطيع ‏"‏ وروينا في فضائل القرآن لابن الضريس من طريق يعلى وهو ابن حكيم عن زيد بن أسلم ‏"‏ أن عمر خطب الناس فقال‏:‏ لا تشكوا في الرجم فإنه حق، ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال‏:‏ أليس إنني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري وقلت أستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الخمر ‏"‏ ورجاله ثقات‏.‏

وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها وهو الاختلاف‏.‏

وأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت قال‏:‏ كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان في المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ الشيخ والشيخة فارجموهما البتة، فقال عمر‏:‏ لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أكتبها‏؟‏ فكأنه كره ذلك، فقال عمر‏:‏ ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم ‏"‏ فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها‏.‏